شرح قصيدة الخنساء - قذى بعينك
- طارق غره
- 4 أكتوبر 2015
- 3 دقائق قراءة
قذىً بعينك – الخنساء

قذى بعينكِ امْ بالعينِ عوَّارُ
أمْ ذرَّفتْ اذْ خلتْ منْ اهلهَا الدَّارُ
كأنّ عيني لذكراهُ إذا خَطَرَتْ
فيضٌ يسيلُ علَى الخدَّينِ مدرارُ
بدأت الخنساء قصيدتها بسؤال بلاغيّ – أي أنها لا تريد جواباً من المستمع .
ذكرت في سؤالها 3 أسباب: قذىً بالعين، عوّار (وجع) بالعين، أو خلاء الدار من أهلها (فقدان عزيز من أهل الدار)، وينطبق عليها السبب الثالث (فقدان عزيز) لكونها فقدت أخيها صخر.
استخدمت (ذَرَّفَت) وليس (ذَرَفَت) للتعبير عن كثرة الدمع.
تتحدث الخنساء واصفةً آلامها وأحزانها من خلال بكائها الشديد على فقدان أخيها صخر، دخلت إلى الموضوع عن طريق تساؤل واستفهام تعجبي عن سبب انهيار دموعها بهذه الغزارة، وتورد الخنساء ثلاثة أسباب (احتمالات) ممكنة، فهي تسأل سؤال المتكلم عما يعلمه حقيقة.
• استخدمت الاستفهام البلاغي {ص139} لتعظيم حزنها بموت أخيها، وتوضيح عظم الفاجعة.
• استخدمت المبالغة للتأكيد على حزنها (سبب هذا البكاء الغزير) وتعظيم الفاجعة.
• استخدمت التجريد {ص143} (مخاطبة الشاعر لنفسه [يجرد من نفسه ذات أخرى ويكلمها]).
• استخدمت التصريع {ص146} (صدر البيت وعجزه يتفقان بالقافية [عوّارُ – دارُ])
معاني الكلمات:
عوّار > وجع بالعين | ذرَّفَت > أنزلت دمعاً متتابعاً
_____________________________________________________
تبكي لصخرٍ هي العبرَى وَقدْ ولهتْ
وَدونهُ منْ جديدِ التُّربِ استارُ
؎ وصف الحالة النفسية للخنساء، من شدة حزن وكثرة بكاء، فكلما تذكرت أخاها بكت وجددت الحزن الذي كانت فيه لحزن أعظم.
معاني الكلمات:
العَبرَى > الدامعة (التي لا يجف دمعها بسرعة) | وَلِهَت > حزِنَت
_____________________________________________________
تبكي خناسٌ فما تنفكُّ مَا عمرتْ
لها علَيْهِ رَنينٌ وهيَ مِفْتارُ
وصف الحالة النفسية للخنساء (عدم انقطاع بكائها ما دامت حيّة على أخيها صخر، وقد أصابها الضعف لكثرة البكاء على صخر)
معاني الكلمات:
ما تنفك > ما تنقطع عن البكاء | ما عمرت > مدة عمرها | رنين > بكاء | مفتار > ضعف
_____________________________________________________
تبكي خناسٌ علَى صخرٍ وحقَّ لهَا
اذْ رابهَا الدَّهرُ انَّ الدَّهرَ ضرَّارُ
وصف الحالة النفسية للخنساء.
يحق لها أن تبكي على موت صخر لأنَّ الدهر أوقعها بما تكره (موت صخر) فقد اختار أفضل الناس وأضرَّ بها كثيراً.
• استخدمت الأنافورا {ص148} في البيتين الرابع والخامس (تبكي خناسٌ وتبكي خناسٌ)
معاني الكلمات:
رابها > أصابها | ضرّار > كثيرُ الضرر
___________________________________________________
وما عَجُولٌ على بَوٍّ تُطيفُ بِهِ
لها حَنينانِ: إعْلانٌ وإسْرارُ
تخيلوا أيها الناس عجولاً فقدت ابنها فقُدَّم لها محشواً فأصبحت تدور حوله يكاد قلبها يتحطم ألماً وحزناً فهي تحنُّ عليه بالصوت الجهور المعلن، وبالشعور الدفين العميق.
قارنت الخنساء نفسها بالناقة الفاقدة لولدها، الذي يحشى ويدنى منها، وهي عجولة بحركاتها لحزنها على ولدها، والهدف من ذلك: لكي تبيّن أن حزنها أشد من حزن الناقة.
معاني الكلمات:
عجول > ثكلى | بوّ > ولد الناقة الذي يموت فيحشى جلده فتظلّ الناقة تدرّ باللبن
____________________________________________________
يوْماً بأوْجَدَ منّي يوْمَ فارَقني
صخرٌ وَللدَّهرِ احلاءٌ وَامرارُ
قارنوا تلك العجول الفاقدة لولدها مع حالي، فأنا أشدّ ألماً وحزناً منذ فارقني صخر، واعلموا أنّ الدهر يأتي بما يسرك قليلاً وما يسوؤك كثيراً.
لقد فصّلت الخنساء صورة العجول التي فقدت ولدها فهي مضطربة شديدة التأثّر، تروح وتجيء من هَوْل الحدث، وتعبّر عن ألمها وحزنها جهاراً بالصوت وسراً بالتحرك الداخلي، ووضعت هذه الصورة في مقابلة حالها فكان حالها أشد إيلاماً.
• استخدمت الجريان والتضمين {ص147} بالبيتين السادس والسابع (المعنى يتم في بيتين لا بواحد [عكس الاستقلالية] ويعتبر نقص في الشعر الكلاسيكي).
بعد المقارنة – أكّدت أن حزنها يفوق حزن الناقة الفاقدة لولدها واستخدمت "بأوجد مني" أي أشدّ حزناً.
معاني الكلمات:
بأوجد مني > أشد حزناً
_________________________________________________
وإنّ صَخراً لَوالِينا وسيّدُنا
وإنّ صَخْراً إذا نَشْتو لَنَحّارُ
وإنّ صَخْراً لمِقْدامٌ إذا رَكِبوا
وإنّ صَخْراً إذا جاعوا لَعَقّارُ
جلدٌ جميلُ المحيَّا كاملٌ ورعٌ
وَللحروبِ غداة َ الرَّوعِ مسعارُ
بشكل عام في الأبيات الأخيرة (8 و9 و10) تذكر الخنساء مناقب صخر، وتؤكّد عليها في الثامن والتاسع باستعمالها لـ(وإنَّ صخراً). أمّا البيت العاشر، فيخلو من حروف العطف، لتلاحق الصور، فهذه الصفات في صخر المذكورة في النص متلاحقة فهي تريد أن تعبّر عن هذه الصفات بسرعة. ويمكن القول بأنه استعمل للجمال اللغوي.
• استخدمت التوكيد (وإنَّ صخراً) في البيتين الثامن والتاسع.
• استخدمت المبالغة {ص161} (فعّالٌ، مِفعالٌ) لهدفين:
تعظيم حزنها وبكائها وألمها (الحالة النفسية التي تمر بها)
تعظيم واظهار صفات صخر بصورة غير مألوفة)
في البيت الثامن والتاسع: أنافورا {ص148} (وإنَّ صخراً، وإنَّ صخراً).
معاني الكلمات:
والينا وسيّدنا > المسؤول، الامام | نشتو > إذا حلَّ علينا الشتاء
نحّار > كثير النحر للابل
مِقدامٌ > شجاعٌ لا يهاب الموت | اذا ركبوا > في الحرب
عقّارٌ > كثير الذبح | جَلدٌ > شديد، قوي
جميلُ المحيَّا > جميل الطلعة | كامِلٌ > كامل الأوصاف، لا نقص فيه
مِسعار > موقد نار الحرب، معلن الحرب، سيد القوم وقائدهم في الحرب
وَرِعٌ > تقيّ، يتجنب الأعمال الغير أخلاقية، يتجنب الشبهات.
تخص الخنساء صخر في البيت الثامن لعامة الناس، بنحره للابل، وفي البيت التاسع تخصه للفقراء والمساكين، بذبحه الابل واطعام المحتاجين.
Comentários