top of page
بحث

رسالة الغفران

  • طارق غره
  • 11 فبراير 2016
  • 4 دقائق قراءة

رسالة الغفران (ص49)

نص الرسالة:

” وينظر الشيخ في رياض الجنَّة فيرى قصرين منيفين، فيقول في نفسه: لأبلغنَّ هذين القصرين فأسأل لمن هما؟ فإذا قرب إليهما رأى على أحدهما مكتوباً: هذا القصرلزهير بن أبي سلمى المزني وعلى الآخر: هذا القصر لعبيد بن الأبرص الأسديّ فيعجب من ذلك ويقول: هذان ماتا في الجاهليّة، ولكّن رحمة ربنّا وسعت كلَّ شيء؛ وسوف ألتمس لقاء هذين الرّجلين فأسألهما بم غفر لهما. فيبتدىء بزهير فيجده شابّاً كالزَّهرة الجنيَّة، قد وهب له قصرٌ من ونيَّة، كأنّه ما لبس جلباب هرمٍ، ولا تأفَّف من البرم. وكأنَّه لم يقل في الميمّية:

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولاً، لا أبا لك، يسأم!

ولم يقل في الأخرى:

ألم ترني عمَّرت تسعين حجّةً، وعشراً تباعاً عشتها، وثمانيا؟ فيقول: جير جير! أنت أبو كعب وبجير؟ فيقول: نعم. فيقول، أدام الله عزّه: بم غفر لك وقد كنت في زمان الفترة والنَّاس هملٌ، لا يحسن منهم العمل؟ فيقول: كانت نفسي من الباطل نفوراً، فصادفت ملكاً غفوراً، وكنت مؤمناً بالله العظيم، ورأيت فيما يرى النَّائم حبلاً نزل من السَّماء، فمن تعلق به من سكَّان الأرض سلم، فعلمت أنَّه أمرٌ من أمر الله، فأوصيت بنيَّ وقلت لهم عند الموت: إن قام قائمٌ يدعوكم إلى عبادة الله فأطيعوه. ولو أدركت محمّداً لكنت أوَّل المؤمنين. وقلت في الميميّة، والجاهليّة على السّكنة والسّفه ضاربٌ بالجران:

فلا تكتمن الله ما في نفوسكم ليخفى، ومهما يكتم الله يعلم يؤخّر، فيوضع في كتابٍ، فيدَّخر ليوم الحساب، أو يعجَّل فينقم فيقول: ألست القائل:

وقد أغدو على ثبةٍ كرامٍ نشاوى واجدين لما نشاء يجرُّون البرود وقد تمشَّت حميّا الكأس فيهم والغناء فأطلقت لك الخمر كغيرك من أصحاب الخلود؟ أم حرَّمت عليك مثلما حرّمت على أعشى قيس فيقول زهيرٌ: إن أخا بكرٍ أدرك محمّداً فوجبت عليه الحجَّة، لأنّه بعث بتحريم الخمر، وحظر ما قبح من أمر؛ وهلكت أنا والخمر كغيرها من الأشياء، يشربها أتباع الأنبياء، فلا حجّة عليَّ. فيدعوه الشَّيخ إلى المنادمة؛ فيجد من ظراف النَّدماء، فيسأله عن أخبار القدماء. ومع المنصف باطيةٌ من الزُّمرُّد، فيها من الرَّحيق المختوم شيءٌ يمزج بزنجبيل، والماء أخذ من سلسبيل. فيقون، زاد الله في أنفاسه: أين هذه الباطية من التي ذكرها (السّرويُّ) في قوله:

ولنا باطيةٌ مملوءةٌ جونةٌ، يتبعها برذينها فإذا ما حاردت أو بكأت فتَّ عن خاتم أخرى طينها"

شرح الرسالة:

1) الأساليب:

• حوار داخلي: "لأبلغن هذين القصرين.."

• أسلوب التوكيد: "لأبلغنَّ" - نون التوكيد.

الغرض من التوكيد: أنَّه سوف يعمل للوصول لهذين القصرين.

• أسلوب الوصف: استعمال النعوت.

• أسلوب الاستفهام (غير بلاغي): أي أنه بحاجة إلى جواب.

• أسلوب التناصّ: توظيف آيات من القرآن الكريم في كلامه، دلالة على تأثير آيات القرآن الكريم على أسلوب أبو العلاء المعرّيّ.

• أسلوب التشبيه: "كالزهرة الجنية"

• أسلوب التناص (2): من الحديث النبوي الشريف؛ لا يدخل الجنة عجوز.

• أسلوب الوصف: (الجنية).

• سجع: جنيّة > ونيّة.

• جناس: جنيّة > ونيّة؛ (إيقاع موسيقي، لفت الانتباه لحال زهير في الجنة وماذا وُهِبَ له).

.سجع + جناس (2): "هَرَم > بَرَم".

• كناية: "كأنّه ما لبس جلباب هَرَم" - كناية عن الشباب.

• كناية: "زمان الفترة والناس هَمَلٌ" - كناية عن الفوضى وفترة الجاهلية.

• سجع: "هَمَلٌ > العَمَلُ".

• حوار خارجي (ديالوج): "يقول: جَير جَير! أأنت أبو كعب وبجير؟ فيقول: نعَم" [عند ذِكر أسلوب الحوار الخارجي يجب بيان الحوار بين الطرفين]

• كناية: "ضارب بالجران" - كناية عن الاستقرار.

• كناية: "تمشت حميا الكأس فيهم" - كناية عن السكر.

• استعارة: "تمشت حميا الكأس فيهم والغناء" - شدة سكرهم وسيطرة الغناء على عقولهم.

الغرض: رسم صورة شعريى، إيجاز، توضيح الصورة، بلاغة، تشويق..

• تناصّ: توظيف آيات القرآن الكريم؛ "فيها من الرحيق المختوم" من القرآن الكريم: {يسقون من رحيق مختوم}.

• استعارة: "يتبعها برذينها" - تخيُّل إناء يتبعه إناء آخر"

 

2) شرح كلمات منفردة:

برم: شعور بالضيق والملل.

الميمية: معلقة لزهير بن أبي سلمى.

تكاليف الحياة: مشاكل وصعوبات الحياة.

80 حولاً: 80 سنة.

يسأم: يملّ من صعوبات ومشاكل هذه الحياة.

لا أبا لك: يستعملها العرب عند تشديد الأمر والغلظة.

جَيْر: نعم.

نفوراً: كارِهاً، لا أقدم على أعمال جاهلية، أتجنب الشبهات.

ملكاً غفوراً: الله سبحانه وتعالى.

والجاهلية على السكنة: أي أن الناس على أحوالهم، هَمَل ولا يحسن منهم العمل.

السَّفه: الطيش والفوضى.

ضارب بالجران: ثابت مقيم.

نشاوى: مخمورين / متلذذين في السكر.

ثبة: على جماعة.

واجدين: نجد عندهم ما نشاء من أطاييب الحياة (طعام وغناء ورقص... الخ) - كل شهوات الدنيا عندهم.

يجرون البرود: يجرون ثيابهم، لا يقدرون على المشي في ثبات، نتيجة السكر.

تمشّت حميا الكأس فيهم: سيطرت عليهم وعلى عقولهم.

أُطلِقَت: سُمِحَت.

المنصف: الخادم.

باطية: إناء كبير يوضع فيه الشراب.

الرحيق المختوم: شراب أهل الجنّة.

سلسبيل: عين في الجنة.

حاردت وبكأت: نقصت وقلّت.

 

3) شرح المبنى العام للرسالة:

- أقوال لزهير في الميمية تتعارض مع وصف المعرّيّ لحاله في الجنة:

أ. قال زهير أنه سئم تكاليف الحياة - صعوباتها ومشاقها - في الحياة، ولكنَّ وصف المعرّيّ له ولحاله في الجنة يتعارض مع أقواله، فقد وصفه بشابّ كالزهرة الجنيّة وهو قد بلغ الثمانين من عمره في الدنيا.

ب. قال زهير أنّه سئم تكاليف الحياة - صعوباتها ومشاقها - في الحياة، ولكنَّ وصف المعرّيّ له ولحاله في الجنَّة يتعارض مع أقواله، فقد قال بأنه لم يتأفف من البرم (الضجر والضيق).

- أسباب ذُكِرَت في الرسالة لمغفرة الله له:

أ. كان كارهاً لأعمال الجاهلية، لا يقدم عليها ويتجنب الشبهات.

ب. صادف ملكاً غفوراً - الله سبحانه وتعالى -، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأدخله الجنّة.

ج. كان يؤمن بالله، لا يعبد الأصنام.

د. أوصى أولاده باتباع القائم الذي يدعوهم إلى الإيمان بالله وعبادته.

هـ. أوصى بعدم كتمان الدين والإيمان بالله لأن الله يعلم ما في النفوس، كل الأمور التي تكتمها إما تكتَب وتُحفَظ إلى يوم الحساب، أو يكون هذا الحساب في الدنيا.

• فيقول ابن القارح: "ألست القائل..." ؛؛ فأقواله تتعارض مع هذا المنطق الإيماني.

• أعشى قيس أدرك الإسلام ولم يسلم، علم أن الخمر محرّم ولم ينتهي عن شربه فوجبت عليه الحجّة.

من يشرب الخمر بدون أن يعرف أنها ستحرّم ليس كما من عرف أنها محرّمة، فلا يقع تحت إطار العقوبة.

• إذا نقص الخمر من الإناء، نقوم بفتح إناء جديد بكشر الطين عنه.

Commenti


تطوير وتصميم: طارق غره

www.tarekgara.com

© 2015-2021. تمّت أرشفة هذا الموقع. المحتوى متوفّر مجاناً للاستخدام.

للتواصل مع مدير الموقع: contact@tarekgara.com

bottom of page