top of page

أهل الذمة (تلخيص)


أهل الذمة

أهل الذِّمّة هم - بشكل عام - أهل الكِتاب من يهود أو نصارى الذين قبِلوا أن يعيشوا بين المسلمين مسالمين، وأن يؤدوا ما عليهم من جزية لحمايتهم والدفاع عنهم، مع بقائهم على دينهم ومُمارستهم لشعائرهم. فكان المسلمين إذا فتحوا بلدا خيروا أهلها إما البقاء على دينهم إذا كان دين كتاب كالتوراة والإنجيل مقابل دفع الجزية أو الدخول في الإسلام فمن دخل الإسلام, أصبح مسلما فمن بقي على اليهودية أو النصرانية(المسيحية) يدفع الجزية مقابل حمايته.

وقد حدد الماوردي أهل الذمة بأنهم اليهود والنصاري وكتبهم التوراة والانجيل، وقد أضاف الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم المجوس وهم أهل بلاد الفرس من عبدة النار.

باختصار: أهل الذمة هم كل الكفار (غير المسلمين من يهود ونصارى ومجوس) من أبناء البلاد المفتوحة الذين اختاروا البقاء على دينهم مقابل دفع الجزية وحماية الدولة الاسلامية لهم.

موقف الشريعة الاسلامية من أهل الذمة:

1) الاسلام دعى الى مخاطبة أهل الذمة بالتفاهم.

قال تعالى: [قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ] سورة ال عمران 64.

وقال: [وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ] سورة العنكبوت 46.

2) وموقف الاسلام من الجزية المفروضة عليهم:

قال تعالى: [قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ] سورة التوبة 29.

واجبات أهل الذمة:

دفع الجزية: تؤخذ من الرجال القادرين منهم، وقد حددها الخليفة عمر بن الخطاب على ثلاثة أصناف:

أ) الأغنياء: يؤخذ منهم 48 درهم.

ب) أوساط الحال: يؤخذ منهم 24 درهم.

ج) الفقراء: يؤخذ منهم 12 درهم.

ويعفى من الجزية الصبيان والنساء من أهل الذمة كما ويعفى رهبان الأديرة الا اذا كانوا أغنياء.

شروط مستحبة على أهل الذمة:

1. تغيير هيئاتهم, بلباس خاص بهم يميزهم عن المسلمين.

2. أن لا يعلوا على المسلمين ببناء.

3. أن لا يسمعوا المسلمين أصوات نواقيسهم أو أجراسهم ولا تلاوة كتبهم السماوية (الإنجيل والتوراة)

4. أن لا يجاهروا المسلمين لا بصلبانهم ولا بشرب خمورهم علناً.

5. أن يخفوا دفن موتاهم.

شروط مستحقه على أهل ألذمه

1. أن لا يذكر كتاب الله القرآن بطعن فيه ولا تحريف له

2. أن لا يذكروا رسول الله بتكذيب ولا احتقار او ازدراء.

3. أن لا يذكروا دين الإسلام بذم ولا تكذيب لمعتقداته

4. أن لا يصيبوا مسلمه بزنا ولا بنكاح ( زواج )

5. أن لا يفتنوا مسلماً عن دينه ولا يتعرضوا لماله ولا دمه

6. أن لا يعينوا أعداء المسلمين في الحرب.

حقوق أهل الذمة:

1. أن من حقوق أهل الذمة كف الأذى عنهم وحمايتهم من أي شخص يعتدي عليهم بغير حق مهما كان ومهما كانت رتبتهم ومكانته من داخل الدولة الإسلامية وخارجها (الحماية الجسدية)

2. حماية اموالهم وممتلكاتهم واعراضهم وعدم التعرض لها.

3. أن يمارسوا معتقداتهم وشعائرهم الدينية بحرية.

معاملة الخلفاء في الدولة الاسلامية لأهل الذمة:

اختلفت معاملة أهل الذمة من عصر لآخر ومن خليفة الى آخر، بحسب طبيعة الخليفة والفترة الزمنية بأحداثها السياسية.

1) في العصر الراشدي: تمتع أهل الذمة في عهدي عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب بتسامح وعدل وأمان ما داموا يؤدون الجزية والخراج.

2) في العصر الأموي: تمتع أهل الذمة بمعاملة حسنة (في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان) بحيث افتتح معاوية مع أهل الذمة عهد من التسامح وقد انعكس هذا الامر جلياً اذ عيّن معاوية لابنه يزيد مربي مسيحي. أما السبب الذي دفع معاوية الى معاملة اهل الذمة معاملة حسنة هو مساعدتهم للأمويين في تنظيم الجهاز الاداري للدولة.

3) تمتع أهل الذمة في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان بمكانة عالية وخاصة، اذكان الشاعر الأخطل (مسيحي) شاعر بني أمية ومن وظيفته الدفاع عن ملك بني أمية.

- كان يدخل على الخليفة بغير اذن وفي صدره صليب ولا يعترضه، وكان يدخل المساجد في دمشق والكوفة ويقف له المصلين اجلالاً.

4) كان الخليفة عمر بن عبد العزيز أشد خلفاء بني أمية وطأة في معاملته مع أهل الذمة، بحيث كتب كتاباً إلى ولاة أمرهم فيه بعزل أهل الذمة من المناصب والمراكز العالية والرفيعة، ولا يركب أهل الذمة الخيول ولاتركب امرأة راحلة (جمل) ولا يمشي نصراني الا مفروق الناصية، وأجبرهم كذلك لبس لباس خاص بهم.

5) في العصر العباسي: كان الخليفة هارون الرشيد من أوائل الخلفاء العباسيين الذين تشددوا على أهل الذمة، اذ قام بعزل أهل الذمة من المناصب الهامة وعيّن مسلمين بدلاً منهم، وأجبرهم بلبس زي خاص بهم لتمييزهم عن المسلمين ومُنِعَت نسائهم من ركوب الرحائل.

6) في عهد الخليفة العباسي المتوكل: كان من أشد الخلفاء العباسيين معاملةً لأهل الذمة، ففرض عليهم قيود كثيرة خاصة في زيهم ولباسهم، وأمرهم كذلك بوضع صور شياطين من خشب على أبوابهم، تفريقاً بين منازلهم ومنازر المسلمين، وكذلك أمر أن يقتصر أهل الذمة في مراكبهم على البغال والحمير دون الخيل.

7) في العصر الفاطمي: كان الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله أشد الخلفاء الفاطميين معاملةً مع أهل الذمة بحيث أعاد الخليفة قوانين اللباس وألزم النصارى أن يضعوا في أعناقهم صلبان من الخشب وحذّر عليهم ضرب أجراء كنائسهم وقام بنزع الصلبان من الكنائس ثم أمر بهدم كنيسة القيامة وغير ذلك من المضايقات.

ملاحظات: على الرغم من هذه المضايقات التي تعرض لها أهل الذمة الا أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار عدة حقائق:

1- الاسلام دين تسامح لا يرضى بهذه المضايقات، بل يحترم أهل الكتاب.

2- المضايقات كانت فردية وعكست في معظمها الوضع السائد في كل فترة حدثت فيها.

3- المضايقات والمعاملة السيئة تعكس الفترة الزمنية التي حدثت فيها فعندما تشدد الخليفة عمر بن عبد العزيز مع أهل الذمة كان ذلك لحرصه على الاسلام ونشر الدعوة الاسلامية لا كرهاً بالديانة المسيحية.

وأما هارون الرشيد فقد ساءت العلاقات بينه وبين الدولة البيزنطية فأمر بهدم الكنائس على الحدود لأن النصارى ساعدوا الروم ضد المسلمين.

وأما المتوكل فيجب أن لا يُتَّخَذ نموذجاً لمعاملة الاسلام لأهل الذمة فكان متشدد مع فئات أخرى غير أهل الذمة مثل الشيعة حتى أنه هدم قبر الحسين.

4- لم يتم تطبيق جميع المضايقات والقيود التي فرضها الخلفاء على أهل الذمة.

رد فعل أهل الذمة على معاملة الخلفاء:

لم يقف أهل الذمة مكتوفي الأيدي ازاء تلك المضايقات والمعاملة السيئة تجاههم من قبل بعض الخلفاء في الدولة الاسلامية.

- ثار أهل الذمة ضد السلطة المركزية مطالبين بتحسين أوضاعهم الاجتماعية ورفع الظلم عنهم.

(مثلاً: ثار الأقباط في مصر على الحكم العباسي بسبب قسوة عمال الخراج تجاههم بالاضافة الى ذلك ثار النصارى في الجزيرة الفراتية وجبل لبنان على الخليفة العباسي المتوكل.

مساهمة أهل الذمة في تطور الحضارة الاسلامية:

ساهم أهل الذمة في بناء الحضارة الاسلامية بحث عملوا في كثير من المجالات فبرز منهم:

1) المترجمون الذين ترجموا العديد من الكتب والمؤلفات من اللغات اليونانية والقبطية والفارسية الى العربية، فكان لهم دور كبير في اثراء اللغة العربية بمواضيع جديدة لم يعرفها العرب والمسلمون من قبل مثل الفلسفة والطب والفلك والكيمياء.

2) ظهر مشاهير الأطباء من أهل الذمة وخاصة حنين ابن اسحاق وجورجس ابن بختشوع، وظهر منهم الصيادلة والعلماء في شتى المجالات.

3) تَبَوَّأَ أهل الذمة المناصب العالية في الجهاز الاداري لأنهم أصحاب معرفة في الحساب والكتابة والخراج، فاستعان بهم الخلفاء الأمويين في تنظي مالجهاز الاداري في دولتهم فحصلوا على أرقى المناصب (مثال على ذلك؛ تعيين عبد الملك بن مروان ابن سرجيون النصراني في منصب الكاتب الرئيسي في الدولة الاموية)

وفي الدولة العباسية: فلم تخلو الدواوين من العمال النصارى واليهود بل تولوا أرفع المناصب فهكذا لعب أهل الذمة دور هام في بناء الحضارة العربية الاسلامية.

العلامات:

٢٬٩٣٩ مشاهدة

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page